Posts Tagged ‘رصاصة’

الطلقة …

24 أكتوبر 2009

كان “رمضان” ذريعة لارجاء الشؤون…

حتى انني وعدت فتاتي بالزواج “بعد رمضان”. ماذا اقول لها عندما التقيها في العيد? اسمعي, تعرفين انني لم اصم طوال ثلاثين يوما مضت. لم اصم في حياتي على الاطلاق. بمعنى ان “رمضان” بالنسبة لي معلق, وفي حالة انعقاد دائم وعلى هذا فان الموعد ما يزال قائما. وانا اعرف فتاتي, تصدقني حتى لو قلت لها ان “يوم القيامة” محدد في “الرزنامة” – على ورقة ننزعها يوميا, ونقرأ فيها التاريخ, و”حكمة اليوم”: “لا تؤجل عمل اليوم الى الغد”.

يقول القدماء:”طبق الانتقام يؤكل باردا”. واحب “شواخص المرور” الى قلبي هي “تمهل”, مع “علامة تعجب”, وطريق ترابية, واطار سيارة يحترق تحت برميل يغلي فيه “الزفت”: تأخذني هذه الطريق الى “غدا” فائض عن حاجتي.

استعيد قصة “الطلقة” للكاتب الروسي “بوشكين”: رجل شجاع يستنكف عن المشاركة في مبارزة بالمسدسات دعاه اليها رجل لا يقل شجاعة. وهذا عار حسب ما تقتضيه اعراف الرجال في القرن التاسع عشر. ويذهب الجميع الى ان صاحبنا جبان. ولكن جوهر القضية مختلف تماما, ذلك ان الرجل الشجاع مرتبط بمبارزة اخرى يعتبرها اكثر اهمية, وظل ينتظر ان يحين موعدها طوال ما مضى من سنوات. ويبدو ان الموعد قد ازف الان, وعليه ان يقوم ب¯ “واجبه” في المبارزة الثانية.

الحكاية ان صاحبنا بارز رجلا مستهترا في وقت سابق. ولكن هذه المبارزة لم تستكمل انذاك, اذ اطلق المستهتر طلقة غير صائبة, وبقيت طلقة هي من حق الرجل الشجاع الذي قرر ان يؤجل اطلاقها ريثما يتيقن ان الخصم المستهتر بات يدرك ان الموت غير مستحب. قال للمستهتر الذي بدا غير متهم بمسدس الرجل الشجاع المصوب نحوه:”استطيع ان اقتلك الان, ولكني لن افعلها, فواضح انك لست حريصا على حياتك حاليا. ولكن مهلا, سوف امارس حقي في قتلك عندما تصبح مهتما بحياتك”. وارخى المسدس, ورحل تاركا المستهتر مدهوشا بالموقف ككل.

ونفهم من المجريات ان برقية وصلت البارحة لصاحبنا تفيد ان المستهتر تزوج واحدة يحبها من نبيلات ذلك العصر. وذلك يعني ان الحياة صارت ذات قيمة من وجهة نظر المستهتر. اذن, من الضروري ان يخسرها الان بالذات.

وهكذا, حافظ الرجل الشجاع علي حياته الى ان وصلته هذه المعلومات, وسافر لاطلاق الرصاصة المؤجلة منذ سنوات. ليكشف اثناء المواجهة ان الخصم ما يزال مستهترا بحياته, فاطلق الرصاصة -وضعها في ثقب في جدار, وكأنما في رأس المستهتر الذي وقف غير مكترث ايضا.

رجلان عنيدان, واقولها: كان يمكن ان يكونا صديقين لولا ان الرجولة المتناهية تعيق تواصل الرجال احيانا.

راح “رمضان”, وجاء “العيد”, وها انذا افكر في انجاز مشاريع مؤجلة منذ ولادتي, وهنالك طلقة في بيت النار. هل اضغط على الزناد?