Posts Tagged ‘الشهداء’

الشهداء سادة قافلة الوجود

12 فيفري 2010

تنفس صبح العيد

28 جانفي 2009

untitled-15

عندما تنفس صباح عيد الأضحى المبارك و بدأت الحياة تتدثر بلهيب شمس لشتاء الباردة .. كانت روضة الشهداء في كل قرية في الجنوب المقاوم يتطلب الوصول إليها الكثير من الخبز و الماء و الهواء النقي .. و ملح دموع العيون .. فهي تزدحم كي تفترش كحل الزعتر أمام أهالي الشهداء و أقاربهم كم هي عادة أهل هذه القرى و الضيع في صباح كل عيد .. فالقبور كلما ارتفعت شمس الأضحى أكثر .. تزينت بالسواد أكثر .. حيث تمتزج فيها دموع لفراق المالحة و تهاني العيد فتكن باليد جمرة الغياب و فرحة العيد الموشومة بحناء اللقاء .. اللقاء مع الشهداء في روضتهم .. فكما للعيد فرحته للشهادة قدسيتها .. لذلك لهم دائماً النصيب الأكبر في العيد .. فيزحف لروضتهم الأقارب و الأصدقاء من كل فج عميق .. و ينطلق العطر من الشفاه و هي تقرأ فاتحة الكتاب الكريم على قبر كل شهيد .. و لا تكتفي الرياض باستقبال أهالي الشهداء بل كل أهل القرية يزحفون ، و كل شخص يجد سبيله إلى ضريح شهيد و يبقى الدمع رهين العيون .. و في هذه الأثناء تكون المقاومة قد رشمت قبور الشهداء بأكاليل الزهور و رائحة لبخور الفاسي تهب على لوجوه كإعصار ثلجي فتجمد المقل .. و كأنها تحاول أن تزاحم ما تركه الشهداء من رائحة الجنة .. فتكون هذه لزيارات هي اشد عيدية نقدمها لرجال الله الأحبة .
كيف لنا أن نتخيل بخور الشهادة و هو يتلوى تحت دموع الجموع في روضة الشهداء .. فتكون تقسيم القلوب قد فاضت بالحزن بعد أن تقترب من مرقد الأحبة و قد وشم رحيلهم على لوجوه كل معايير الحزن و نسج من عواطفهم كوفية تغطي الأكتاف .. أكتاف الشهداء … و تبقى تلك اللوعة لا تنطفئ وهم يبحثون عن هؤلاء الأحرار .. فالفراق قاس .. و دون شك تبقى العزة هي التي ترقد فوق رؤوسهم بسلام .. فعلى يمينك تجد أماً تروي لأطفالها عن والدهم الذي قضى و هو يمنع الصهاينة من تدنيس ارض الجنوب و يبقى النحيب متقرفص تحت ظلال عيونها .. و أمامك والدة تناجي ولدها الشهيد الذي افقد الصهاينة القدرة على استنشاق الهواء و جعل شمسهم قنديل زيت أسود .. تناجيه كأنها يقف ببابها .. و على يسارك الحجة أم حسن التي فقدت ابنها حسن قصير في عملية بطولية قتل فيها 9 من الغزاة و كان جباراً كأسطورة فينيقية .. تسأله عن أحواله ( كيفك يا أمي اليوم عيد و انا مشتاقة كتير ) و على مسافة قصيرة منها ترى رأساً يسافر نحو سقف السماء تاركاً جذعه في الأرض أنه والد الشهيد يطالب زوجة الشهيد بعد انتهائه من احتساء أخر كلمات الفاتحة القرآنية بالتوقف عن البكاء ، و هو يقول ( زوجك رفع لنا رؤوسنا و دموعك تزعجه ) .. و تمتد ببصرك نحو جدار الروضة فترى فلذة كبد شهيد يقف قرب جدته و هو يقرأ القرآن و جده يتأبط سبحته و هو يتمتم ببعض الآيات .. في كل عيد تبقى عقدة العناق عند الأهل و الأحبة .. و كأن شفاههم مشنوقة تأبى مغادرة نافذة ذاك الصبح .. و تبقى أرضهم خضراء تعج بأزهار بلون الغسق و دموعهم على شفة حفرة من الانهمار .. و تبقى تلك الأرض تحتفل بهم كل عيد